الرئيسية » إعداد خدام » تأملات

دروس روحية من شخصيات كتابية - شخصية انتيباس

 

وَأَنْتَ مُتَمَسِّكٌ بِاسْمِي وَلَمْ تُنْكِرْ إِيمَانِي حَتَّى فِي الأَيَّامِ الَّتِي فِيهَا كَانَ أَنْتِيبَاسُ شَهِيدِي الأَمِينُ الَّذِي قُتِلَ عِنْدَكُمْ حَيْثُ الشَّيْطَانُ يَسْكُنُ (رؤ22: 13)

 

أنتيباس كان شهيدًا للاضطهادات الرومانية التي وقعت في عهد الإمبراطور دوميتيان، عام 92 كذلك تذكر التقاليد المسيحية، أنه كان يشغل منصب أسقف على أحد

مدن تركيا والتي كانت تسمى حينذاك آسيا الصغرى،  ما نعلمه عن "أنتيباس" هذا الشهيد الأمين ليس سوى أسطر قليلة كتبها المؤرخ أندريا؛ بأنه مات محروقًا رافضًا المساومات، ولكن الله لا ينسى تعب الأمناء . فلا تهتم أن تكون معروفًا لدى الناس فالله الذى يرى فى الخفاء ويجازى فى العلانية ونتعلم منه:-

 

1- حياة ضد التيار: معنى أسم أنتيباس "ضد الكل" أو "ضد التيار" ، الحى دائماً يسبح ضد التيار وضد الأمواج، أما الميت فسير مع التيار، فأصغر سمكه حيه تشق طريقها ضد التيار، ولكن الحوت الميت فسير حيث يجرفه التيار، ففى أزمنه سادها الإضطهاد قرر أنتيباس أن يكون ضد التيار وضد الكل ويعيش للرب من القلب.

 

2- حياة التمسك بالرب: "وَأَنْتَ مُتَمَسِّكٌ بِاسْمِي"(رؤ2: 13)، جهاداً نبيلاً وهو متمسكاً باسم الرب فى زمن تركه فيه الكثيرين، عباداً للرب قائلاً مع عروس النشيد "وَجَدْتُ مَنْ تُحِبُّهُ نَفْسِي فَأَمْسَكْتُهُ وَلَمْ أَرْخِهِ"(نش3: 4).

 

 3- حياة الشهادة العلانية: "لَمْ تُنْكِرْ إِيمَانِي" (رؤ2: 13)، شاهداً أميناً للرب مهما كانت الكُلفة فقد كلفته الأمانة حياته وأعتبارها لا شئ نظير محبة سيده مطيعاً كلامه"وَأَقُولُ لَكُمْ: كُلُّ مَنِ اعْتَرَفَ بِي قُدَّامَ النَّاسِ يَعْتَرِفُ بِهِ ابْنُ الإِنْسَانِ قُدَّامَ مَلاَئِكَةِ اللهِ. وَمَنْ أَنْكَرَنِي قُدَّامَ النَّاسِ يُنْكَرُ قُدَّامَ مَلاَئِكَةِ اللهِ"(لو12: 9).

 

4- حياة التضحية من أجل الرب: " أَنْتِيبَاسُ شَهِيدِي"(رؤ2: 13) منَ يستطيع أن يضع حياته على مذبح التكريس هكذا، إن لم تكن محبته لسيده محبه قوية، صحيح أنه ليس جميعاً مدعوين لهذه الشهادة ولكن عندما يطلب الرب منى أمراً غالياً فهل من السهل أن أضعه أمامه على المذبح، حتى لو كان هذا هو إسحق الوحيد الذى أحبه، ها هو أنتيباس لم تكن نفسه غالية أمام الشهادة لسيده ليحيا غالباً "وَهُمْ غَلَبُوهُ بِدَمِ الْخروف وَبِكَلِمَةِ شَهَادَتِهِمْ، وَلَمْ يُحِبُّوا حَيَاتَهُمْ حَتَّى الْمَوْتِ"(رؤ12: 11).


5- حياة الأمانة فى الحياة السرية:  "شَهِيدِي الأَمِينُ"(رؤ2: 13)، ما أروع أن تكون شهادة الرب وليس الناس عن أنتيباس بأنه أمنياً له، والأمانة الحقيقية هى فى الحياة السرية قبل العلانية، فعندما تُغلق الأبواب وتطفئ الأنوار وتكون وحيداً هذه هى حيقيقة نفسك، فما أكثر التعريضات عن الحياة بأمانة "كن أمنياً" حتى يأتى اليوم الذى نسمع فيه  "نِعِمَّا أَيُّهَا الْعَبْدُ الصَّالِحُ وَالأَمِينُ. كُنْتَ أَمِيناًفِي الْقَلِيلِ فَأُقِيمُكَ عَلَى الْكَثِيرِ. ادْخُلْ إِلَى فَرَحِ سَيِّدِكَ" (مت25: 21).

 

6- حياة شاهدة رغم الآلام الحاضرة:  " حَيْثُ الشَّيْطَانُ يَسْكُنُ "(رؤ2: 13)، حياة للرب رغم الظلام السائد حيث سلطان الشيطان الذى أقتنص الكثيرين لإرادته، ولكن هناك الأمناء الذين يعيشون بالتقوى فى عالم قد وضع فى الشرير، فبرغم الحرب الشرسة من إبليس وجنوده والأشرار، وطبيعى جداً هذه الحرب فنحن لسنا من هذا العالم، فماذا يستغرب من الذين يتطهدونك دون سبب ، ولكن هذه الألام هى لا شئ عندما تقارن بالمجد "فَإِنِّي أَحْسِبُ أَنَّ آلاَمَ الزَّمَانِ الْحَاضِرِ لاَ تُقَاسُ بِالْمَجْدِ الْعَتِيدِ أَنْ يُسْتَعْلَنَ فِينَا"(رو8: 18).

 

7- المكافأة والإكليل :  هناك سبع أكاليل فى الأبدية للمؤمنين ولكن منهم إكليل رائع وهو إكليل الحياة لإحتمال التجربة والإستشهاد"طُوبَى لِلرَّجُلِ الَّذِي يَحْتَمِلُ التَّجْرِبَةَ، لأَنَّهُ إِذَا تَزَكَّى يَنَالُ «إِكْلِيلَ الْحَيَاةِ» الَّذِي وَعَدَ بِهِ الرَّبُّ لِلَّذِينَ يُحِبُّونَهُ"(يع1: 12) وأيضاً "كُنْ أَمِيناً إِلَى الْمَوْتِ فَسَأُعْطِيكَ إِكْلِيلَ الْحَيَاةِ"(رؤ2: 10)، فهؤلاء الذين عاشوا للرب بأمانة حتى الموت فى الأبدية سيكأفئهم الرب علانية وأمام الجميع. فيساعدنا الرب أن نحيا الحياة المكرسة لشخصه فى زمن إمتلا بالشر والخطية حيث كرسى الشيطان، وأن نعيش نور إعلان عن شخصه المُحب ليوم مجيئه.

                                                                                                

 القس/ ناشد غالي
 

 رسالة الخلاص